الأربعاء، ١٧ مارس ٢٠١٠

أدوية من صنع الله




يعتمد الناس في شتى أنحاء العالم على المواد والعناصر الطبيعية لمداواة الحالات المرضية التي تلم بهم . ومن الممارسات الاستثنائية القديمة المعتمدة في جورجيا منذ قديم الأزمان أكل الصلصال الأبيض لمحاربة الاقياء الصباحي عند الحوامل.ويحذر الأطباء من هذه الممارسة إلا أن بعض النساء يلتمسها وخاصة خلال فترة الحمل.

صيدلية في الهواء الطلق

مع أن استعمال الأعشاب في التداوى ليس جديدا، ومع أن الكتب المتداولة ضمن هذا العنوان ليست قليلة، إلا أن مجلة <<ناشيونال جيوغرافيك>> سلطت الأضواء بقوة على ممارسات من مختلف دول العالم الشرقية منها والغربية، المتقدمة والنامية، حول موضوع التداوى بالأعشاب .

ومن ذلك إن طفلة أمريكية اعتمد شفاؤها من سرطان الدم ( اللوكيميا) على عقار فينكريستين المصنع من نبتة الرنكة المزهرة المستوردة من جزيرة مدغشقر، علما بان معدلات النجاة من هذا المرض باتت تفوق 90%.

أما الفينيلاستين، وهو دواء يصنع من النبتة ذاتها فيساعد على شفاء اغلب حالات داء هو دجكنز .

والطريف أن نباتات مثل الرنكة، ساهمت في تطوير من 25-50 % من أدوية الوصفات المتداولة في الولايات المتحدة الأمريكية وذلك عن طريق إنتاج مركبات صنعيه من النباتات لتحضير نماذج كيماوية حيوية مستعملة في معالجة علل القلب المزمنة، والاضطرابات التنفسية وغيرها .

ولكن وبشكل عام فلقد حصل تطور طفيف للغاية في العقاقير المعتمدة على النباتات وذلك في فترة الأربعين سنة الأخيرة،وخلال هذه الفترة أجازت إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية FDA ،اقل من 12 دواء من الأدوية المستخرجة من النباتات .


إن احد الأسباب الرئيسية هو أن أي دواء تقره الـFDA يكلف ما يقارب الـ500 مليون دولار، لذا وجد المصنعون أن الطريق من النبات إلى حبة الدواء الآمن غير معروفة العواقب، فهنالك حوافز محدودة لتطوير الأدوية بالاعتماد على النبات . وعلى الرغم من ذلك، فان حوالي ثلثي سكان الكرة الأرضية البالغ تعدادهم ما يقارب الستة مليارات نسمة يعتمدون على قوة الشفاء العجيبة الموجودة لدى النبات، حيث لا يتوفر لديهم اى بديل آخر متاح.


وحتى في البلدان الصناعية التي تتوافر فيها الأدوية المصنعة بشكل علمي، فقد انفق الأمريكيون ما يقارب الـ103 مليارات دولار على أدوية الوصفات عام 1998م، على الرغم من أن استعمال الأدوية النباتية في تصاعد مستمر، ففي العام 1990م قام 2.5 % من الأمريكيين بشراء أدوية عشبية، في حين بلغت النسبة 12% في عام 1997 م وذلك بإنفاق كلى بلغ 5 مليارات دولار.

أما السؤال المطروح هنا : ما نسبة النقود التي أنفقت بحكمة؟ فهذا موضوع آخر .

ومع أن كثيرا من النباتات أصبحت هدفا لدراسة متعمقة، ورصد تأثيراتها ، إلا أن البيانات حول الكثير الباقي لا تزال غير حاسمة أو مكتملة .

ولا يزال العلماء في حيرة حول المادة أو توليفة المواد الكيماوية، ضمن النبات، المسئولة عن الشفاء من الألم ، أو المحرضة على تدفق الدم وتكوين الشعور المتزايد بالصحة.

وفى رأى الباحثين فان محاولة إيجاد جزء من النبات ذي التأثير الفعال، تبدو كمحاولة فك أجزاء من جهاز المذياع لمعرفة أيها المسئول عن إصدار الصوت! .


وعلى أية حال فالنباتات تحوى كيماويات فعالة وحيوية، والكثير منها ذو تأثيرات علاجية مفيدة، ولا يمكن إنكار مفعولها، وفى هذا الصدد يبدى ارنولد ريلمان رئيس تحرير مجلة نيو انجلند الطبية الشهيرة الذي هاجم الأشكال الكثيرة من الأدوية البديلة لكونها تعتمد على تفكير غير عقلاني، أو على نظريات تخرق المبادئ العلمية الأساسية، شكوكه حول العلاج المعتمد على المنتجات النباتية، وفى تصوره انه يجب ألا يكون في حالة منافسة مع أدوية الاتجاه السائد، ولابد أن يتكاملا لمصلحة المريض في النهاية .

ومع أن كثيرا من المواد المستخرجة من النباتات أثبتت بأنها ذات تأثرات بيولوجية مهمة، إلا أن ريلمان يصر على الفحوص والتجارب العلمية قبل أن يقتنع بأي دواء نباتي، علما أن الناس يستخدمون مئات من النباتات، ولم تخضع كلها للبحث العلمي، وذلك للتغلب على أمراض تراوح ما بين الرشح والسرطانات.

نباتات طبية

الثوم مثلا يحتوى على: الأليسين، تلك المادة الكيماوية ذات التأثيرات المضادة للفطور والتي تحوى مضادات حيوية، بالإضافة إلى مواد تخفض الكولسترول وتحارب الضغط العالي.

أما الزنجبيل فيحتوى على عشرة مركبات مضادة للفيروسات على الأقل ، وقد أثبتت الدراسات انه يخفض من الدوار والدوخة الناتجة من الحركة والسفر.

وتشير الإحصاءات إلى أن الرنكة الزهرية، تلك النبتة المهمة لمعالجة سرطان الدم الذي ألم بأودرا، هي احد 10.000 مركب من فصائل النباتات المعروفة في مدغشقر. وكثير من تلك الفصائل غير موجود في مكان آخر من العالم.

وكما أوردت المجلة الأمريكية المذكورة فان الباعة المتجولين في أسواق مدغشقر يمثلون المصدر الرئيس للعلاج بالنسبة إلى السكان المحليين، ولا فتصر عملهم على بيع النباتات الدوائية، بل يقومون بدور الطبيب المعالج في تشخيص المرض وطلب الوصفة. إن عملهم يعتمد على الخبرة، والتجربة بطريقة الصواب والخطأ، مع العلاجات النباتية بواسطة طرق متوارثة من جيل إلى آخر. إن وصفاتهم أكانت بمحلها أم لا، يمكن أن تحدد الخط الرفيع الفاصل بين الموت والحياة .

وكما هو منطقي فان النبتة المستخدمة لتعديل ضغط الدم العالي، ا ذا استعملت بجرعات عالية ، تعد سما يمكن أن يستخدمه بعض الناس للانتحار .في أرياف مدغشقر يستشير الناس المداوى عادة ،وهو معروف لديهم باسم ( اومبياس ) ،ولديه علم بالنباتات ويعرف النتاج الصنعى المستخدم لتحضير قدراتها العلاجية .

الشئ المؤسف في مدغشقر ،هو أن آلافا من أصناف الباتات مهددة بالانقراض ، وقد قال احد السكان المحليين :إن ما كان يوما ما غابة ممطرة، قد أصبح صحراء ممطرة الآن ،ذلك المكان الذي كان آية في الجمال بفترة طفولته ،بات غابة تلعب فيها مختلف أنواع الحيوانات .بقيت الزهرة الأرجوانية في الغابة ، هذه النبتة تسحق وتغلي فتقوم بعمل مخدر ، أما الكيماويات في نبات آخر

فإنها تقتل فيروسا بعينه . يتحدث ويليام شكسبير في رائعته روميو وجوليت عن : القدرات الهائلة التي تكمن في الأعشاب الطبيةلقد أصبح واضحا أن الترسانة القوية للنباتات بموادها الفعالة ، قوامها المركبات التي تؤثر في الخلايا الحية ، ويمكن أن تكون ذات قدرة فعالة في الحرب المستعرة ضد الأمراض البشرية .

خيبة أمل

ومع أن كاتب مقالة الناشيونال جيوغرافيك يروى أمثلة عن أناس مرضى تمت معالجتهم بالنباتات فأدت إلى شفائهم، إلا انه يروى كذلك أمثلة عن أشخاص لم تؤد النباتات في مدغشقر إلى تخفيف آلامهم، ومن الأمثلة على ذلك مرضى الملاريا فالدواء النباتي المستعمل هو العقار الوحيد المضاد للملاريا الذي يحصلون عليه، يغدو في اغلب الحالات عديم الفائدة؛ لان الطفيليات تطور نظاما للمقاومة تجاهه.

يجب أن يتناول المريض جرعة قدرها 15 حبة خلال ثلاثة أيام ، وذلك لقتل الطفيليات الحساسة تجاه الكلوروكين، ولكن الباعة الجوالين كانوا يبيعون كل حبة بمفردها، من دون الرجوع إلى وصفة أو إلى طبيب، وبسعر يعادل أجرة يوم كامل بالنسبة إلى العامل العادي، ويميل الكثير من الناس إلى هذه الحبات مفضلين إياها على العلاجات التقليدية، لكون تأثيرها فعال وسريع. ولكن وبعد بضع جرعات فقط ، يغدو اغلب الناس بلا نقود، أو يشعرون بتحسن ، ومن ثم يتوقفون عن متابعة العلاج، عندها تتكرر أطوار المرض بعد أيام قليلة، ليصبح جسدهم معملا لإنتاج الطفيليات المضادة للعقار .

وهنالك عدد من الصعوبات التي تحد من إمكانية الاستفادة من هذه النباتات ، ففي بعض المرات تبدى نبتة معينة فعالية جيدة تجاه السرطان مثلا، إلا أنها لا تبدى المفعول ذاته في المرات الأخرى .

لدى بعض أصناف النباتات أنواع أضيق، أو تشكيلات مختلفة لم يجر تحديد الكثير منها بعد، بالاضافة الى انه حينما نقطف اجزاءمن النبتة يجب تحديد زمن القطاف، فتركيبة الكيماويات فيها تختلف من الليل الى النهار . وهنالك عامل آخر، هل النبات فتى ام هرم؟ وماذا ينمو بجواره؟ ان للنبات بوضعه التقليدى عددا كبيرا من الخلايا الفعالة، وتتصرف الكيماويات بمبدأ الفعل ورد الفعل بعضها مع بعض، ففى بعض الاحيان يزيد او يتناقص تاثيرها فى الخلايا البشرية، ان العلماء الذين يستخدمون تقابات حديثة هم بحاجة لدى تصنيعهم للدواء للدواء الى مركب فعال وحيد، انهم يحتاجون الى معرفة ماهية المادة الفعالة ضمن الدواء بحيث يتم تقييسه ووزنه والتاكدمن خواصه السمية .

المحافظة على توازن الجسم

فى الهند هناك نظام للمعالجة يدعى ايورفيدا ويعود هذا الى بضعة آلاف من سنوات خلت، اذ يستخدم ممارسو هذا النظام 2000 صنف من النباتات بشكليها المزروع او البرى، وذلك فى كل ارجاء شبه الجزيرة الهندية، ولا يركز هذا النظام على العقاقير التى تقتل الميكروبات المتسببة بالامراض، ولكنها تعمل وفق مبدأ ( المحافظة على توازن الجسم) كما يقول فيجاى كنيرا المدير الطبى فى مستشفى << كوسل>> وهو احد مراكز ممارسة الآيورفيا فى دلهى .

يقول كنيرا: انه من الطبيعى للغاية الا نحارب الامراض ولكن ان نهدف الى حفظ الصحة ومنع سيطرة المرض على الجسم . ولدى سؤاله عن كيفية محاربته للملاريا التى تعد بحكم الجائحة فى الهند، اجاب بقوله: <<ان المعالجة لا تقتل الطفيلى، ولكنها تنحو للمحافظة على توازن الجسم>> .


يقول محرر المقالة بالنسبة الى لقد بدا ذلك سخفا، اذ ان بروتوزونات الملاريا تسيطر على خلايا الدم الحمراء، لم لا نحاول قتلها؟ وفى الواقع وعلى الرغم من موت الكثير من الاطفال فى الهند، فان الكثير من البالغين يعيشون مع المرض، مطورين نظام مناعة معينة، ويصابون بالمرض لماما فقط .

يوضح كنيرا بواسطة الادوية الغربية نهاجم الطفيلى، بينما نبنى اسلوبنا عند معرفة ان عددا من الامور المؤذية مستقبلا يتعايش مع الجسم البشرى طوال الوقت .

ان الكثير من الناس يتعرضون للملاريا ولا يصابون بالمرض، اننا نستعمل النباتات لتقوية الجسم ورفع قدراته لان يتعايش مع طفيلى الملاريا! . عند تذكرى الاطفال الذين يموتون بسبب الملاريا فى مدغشقر، ما زلت راغبا فى قتل الطفيلى، ولكن بوسعى الآن رؤية الامكانات الاخرى .

السيد شانكار هو رئيس مؤسسة تنشيط تقاليد الصحة المحلية الهندية، ذلك البرنامج الذى ينحو لحفظ النباتات الطبية والتقاليد المرتبطة بها فى الهند، وقد اصطحب كاتب المقالة معه عبر حديقة النباتات الطبية فى قرية << جوداجيت >> قرب بانجالور اذ يعتمد المداوون على الخبرة المتوارثة ، فقابل ثلاثة منهم، كلهم مختصون، احدهم يعالج الحروق ، والثانى لسعات الافاعى، والثالث حالة الجلد.

آخرهم كسر سويقة نبات واخرج النسغ، ذلك السائل اللزج منه، وهو ذو تاثيرات يستعمل مضادا حيويا، قائلا: يجب تكريم هذا النبات كما نكرم بنك الدم وعلق شانكار قائلا: ان تقدير مقام وحفظ علوم المداوين القدماء هو من الاهمية بحيث يعادل المحافظة على تلك النباتات، فقد ادرك العالم انه يجب ان يكون مهتما بحفظ التنوع البيولوجى، ولكن العلم بطرق استعماله هو بنفس الدرجة من الاهمية ، فلو محيت انظمة العلوم المحلية، عندها تختفى آلاف من سنوات البيانات المجربة والمدروسة والخبرة الثمينة معها .




يتعرض فى تلك القرية آلاف القرويين للافاعى السامة، وعلى الاخص خلال موسم حصاد الارز، والعلاج الرئيس المستعمل هو سحق النباتات لتصبح عجينة، انهالعلاج الوحيد المتوافر هنا ضد لسعات الكوبرا. اما الترياق فيتم بواسطة اجسام الضد التى ينتجها الخيل ، وهذه اغلى من ان يستطيع القرويون الحصول عليها، ولكن يجب تامينها باسرع ما يمكن، فان اقرب مستشفى هو على بعد ثلاث ساعات بالسيارة، علما ان احدا فى القرية لا يملك سيارة.

ولدى كل من القرويين قصة تروى حول نجاة صديق او احد افراد العائلة، من التسمم وذلك بابتلاع ادوية المداوى بعد لسعة افعى.

ان التركيبة الكيماؤية للنباتات معقدة جدا، وحتى باستعمال التقنيات الحديثة لا يدرى العلماء ايا من النباتات عليهم ان يجمعوا، وفيما اذا كان المداوى التقليدى قد اضاف اليها مكونات عشبية او اخرى كيماوية للعلاج.

كانت تلك الاسباب هى تفسيرات توضح لماذا لم تتفق شركات الادوية مبالغ باهظة من المال فى موضوعات البحث والتطوير للمنتجات الطبيعية، ولماذا تركز اغلب الوقت على الابحاث الجينية وتصميم العقاقير بشكل صنعى: فى البداية يجب فهم العملية الباثولوجية التى تسبب المرض، ومن ثم تصميم مركب يعالج ذلك المرض. وهذا لا يعنى بالضرورة ان الباحثين قد اهملوا بشكل مطلق المحاولات لانتاج ادوية ناجعة من النباتات.

حاز باروخ بلومبيرج فى عام 1976م على جائزة نوبل فى الطب لاعماله فى مجال الامراض الفيروسية الانتانية، وكان ضمن انجازاته اكتشاف مولد الضد او مؤشر على سطح خلية فيروس التهاب الكبد. نوع ب، وقد قاد هذا الاكتشاف الى تطوير لقاح المرض.

ان لقاح بلومبيرج ينتج بشكل صنعى، ولكنه وفريق العمل املوا بعالجة الناس المصابين بهذا المرض، ودرسوا لاحقا مئات النباتات التى يستعملها المعالجون التقليديون عبر العالم لمحاربة اليرقان احد اعراض المرض. لقد استخرجوا مواد كيماوية من Phyllanthus amarus احد فروع الادوية الـ Ayurvedi c فى الهند . وقد عملت تلك المواد على الفيروس ضمن الفحوص المخبرية التى اجريت على الحيوانات، واوقفت تطوره، تكررت هذه النتيجة نفسها خلال التجارب السريرية على مرضى فى الهند.

وعندما كرر التجربة باحثون آخرون، كانت نتائجهم غير مقنعة، وقد يعزى الاختلاف فى فعالية النبات لعوامل تختلف حسب مكان نمو النبات ومواعيد قطافه ؟.

لدى سؤال بلومبيرج عما اذا كان يعتقد بانه يمكن تطوير الدواء الحديث باستخدام عقاقير موثوقة مستخرجة من النباتات، اجاب بالايجاب، وافاد بان الوقت قد ازف للانصات الى الطبيعة للحصول على كل خيراتها، ويجب ان يبقى العلم منفتحا تجاه عطاياها، فهو يرحب بكل البراهين والحقائق والطرائق الجديدة للتفكير، وليس هناك حقائق نهائية فالبحث والاكتشاف مستمران.


ادوية الطبيعة فى نشاط دائم



لعل اطرف ما جاء حول هذا الموضوع حادثة بمنزلة برهان عملى على الاقوال السابقة، ولقد صورت فى احدى العيادات بمدغشقر الخليط الفريد ما بين الوسائل الريفيةالتقليدية والعقاقير الغربية الحديثة، ولكن الامر احتاج لان يشهد الكاتب بام عينه حالة اسعاف كى يلمس التعاون بين النظامين.

لقد بدات بصرخات يجمد لها الفؤاد، حين اندفعت فلاحة حامل طفلتها المصابة بحروق جسيمة ، اوضحت الام ان الطفلة قد اسقطت قدرا من الماء الغالى على بطنها فيما كانت تلعب فى فناء الدار، فحص الطبيب – خريج المدارس الغربية الحديثة – بطن الطفلة والمغطى بالبثور، وشخص الاصابة بانها حروق من الدرجة الثالثة، بعدها اتصل بالمداوى التقليدى وهو مختص بعلوم النبات، وهذا بدوره ترك العيادة على الفور، ليجمع بعض النباتات اللازمة من الغابة القريبة. قلقنا هل ستنجو تلك الطفلة ؟ فحتى باستعمال الوسائل الحديثة المعقمة فالحظوظ بالنجاة قليلة عند مثل درجة هذه الاصابة.

عاد صاحبنا بسرعة مع غصن من النبات المتسلق المتعرش، ونفخ فيه من الطرف الاول مجبرا النسغ اللزج على ان يندفع من الطرف الثانى، وعندما غلف حروق الطفلة، توقفت صرخاتها بشكل مفاجىء.

قام المداوى بكشط القشر لاحقا عن اليقطينة، ومزجه بالماء، ثم مسح جسمها بالسائل، وبالمعالجة اليومية بهذا المزيج، تم انقاذها بشكل كامل بعد مضى قرابة الشهر على الحادثة، وكان ذلك نصرا شخصيا للمداوى وللطاقات الشافية التى تزودنا بها امنا الطبيعة.

كان احد السباقين فى هذا المجال من الابحاث هو جيم دوك عالم النبات الذى تقاعد مؤخرا من وزارة الزراعة الامريكية، بعد ثلاثة عقود من دراسة النباتات الطبية ومؤلف كتابى: الصيدلية الخضراء و
2000 سنة من طب الاعشاب فى حديقته من النباتات الطبية فى المنطقة الريفية من ميريلاند فى ولاية غطت مئات من النباتات الهضبة التى تهبط الى الجدول ، حيث يتجاوز ارتفاع بعضها عشر اقدام، فى حين تزحف نباتات اخرى على الارض بعضها ملون ولماع، والباقى قاتم.
انشأ دو كفى قبو بيته بنكا لتلك النباتات وارشيفا ذكر فيه استعمال كل منها.

عندما يلج بنك البيانات الخاصة به، يرى محاربة مادة ال ـ Isohlavones الموجودة فى فول الصويا لسرطان الثدى، وكيف تحوى مركبات تتسبب فى استرخاء خلايا العضلات الطرية ، مخففة من الم الصدر او الخناق الصدرى الذى يسببه تصلب الشرايين.
كانت احدى مهام دوك هى جمع البيانات للمساعدة على التغلب على المقاومة التى تجابه استخدام الادوية العشبية والنباتية، وقد ابلغته عن المراة التى تعانى التهابا حادا فى المفاصل، وكان الدواءاستخدام الادوية العشبيةوالنباتية، وقد ابلغته عن المراة التى تعانى التهابا حادا فى المفاصل، وكان الدواء الذى تتعالج بواسطته يتسبب بضيق بالنفس ونزف احيانا، عندها اقترح صديق نباتات معينة كعلاج، ولكن المراة رفضت تجربتها لكونها ليست علمية او طبية، لقد فضلت قرص الدواء. اشار دوك الى انه اذا كان لتلك الحبة الصغيرة البيضاء قدرة على اغلاق المنافذ امام تطور السرطان، او الازمات القلبية، زالمعاناة من النوبات، فالناس سيقدمون عليها، ولاسيما اذا لم يكن لها تاثيرات جانبية.

وبالواقع فتلك الحبة موجودة فعلا وتدعى اكل الفواكه والخضروات يوميا لقد بدا العلماء بتحديد منظمات افراز الهرمونات، ومزيلات السمنة، ومضادات الاكسدة، والمواد الاخرى بالاطعمة والتى تخفف او تمنع خطر الامراض المختلفة.

قال دوك يمكن المزاوجةبين العلم وعلوم النبات، وهذا سيقدم عقاقير افضل مما لو كنا نعتمد على الادوية المصنعة فقط، فبواسطة العلم نفحص النبات لمعرفة ايها يعمل افضل، وهذا الطرح ليس مفاضلة بين العلم والطبيعة، بل هو كيف نستعمل العلم للحصول على افضل الادوية سواء، اكانت طبيعية ام صنعية. ان طموح حياته ان تتطلب الـ FDA ( منظمة الادوية والاغذية الامريكية) تجريب الادويةالصنعية الجديدة تجاه كل بديل نباتى متوقع، وبذانحصل على ما تقدمه الطبيعة دون ان نتخلى عن الاسلوب العلمى .

لدى العودة الى حديقة دوك، تلمح ما يمكن ان تعده نبتة غريبة ، فإذا هممت باقتلاعها ، ينهاك بلطف، فهي نبتة الهندباء البرية Chicory ، والتي تحتوى على حمض الشيكوريك، تلك المادة الكيماوية التي تبشر بالخير في الصراع ضد الفيروس المرتبط بمرض الايدز.