الخميس، ٨ يوليو ٢٠١٠

مرض الهوجكنز السرطانى

ما هو مرض الهوجكنز Hodgkin's ؟
يعتبر هذا المرض إحدى أمراض المجموعة السرطانية المسماة اللمفاوية lymphomas ونفهم من هذا المصطلح أن هذا المرض يتطور في جهاز الجسم اللمفاوي. إن هذا النوع من المرض قليل الانتشار ولا يتجاوز 1% من عدد المصابين بالسرطان في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا . وسوف لا نتعرض في هذه الدراسة للنوع الآخر من السرطان الغير ليمفاوي Non-Hodgkin's lymphomas

يعتبر الجهاز الليمفاوي أحد أجزاء نظام مناعة الجسم والذي يساعد الجسم في الدفاع ضد الأمراض والعدوى والتلوث. فالجهاز الليمفاوي يتكون من شبكة من الأوعية الليمفاوية الدقيقة والتي تتفرع كالأوعية الدموية داخل الأنسجة المنتشرة في الجسم. تحمل الأوعية الليمفاوية ما يسمي الليمف lymph وهو سائل عديم اللون يحتوي على خلايا مضادة للعدوى والتلوث تسمى الخلايا الليمفاوية lymphocytes . وتحتوي الشبكة على ما يسمى أيضا بالعقد الليمفاوية. إن تجمعات هذه العقد موجودة في الإبط والعنق والبطن والصدر والاربية groin (منطقة التقاء الحوض بالفخذ). أما الأجزاء الأخرى من النظام الليمفاوي فهي الطحال spleen ولوزة الحلق tonsils والنخاع الشوكي bone marrow والغدة الصعترية thymus . والأنسجة الليمفاوية موجودة أيضا في المعدة والأمعاء والجلد.

يعتبر السرطان إحدى مجموعات الأمراض التي تنشأ في الخلية " وحدة البناء الأساسية في الجسم". و من اجل فهم مرض الهوجكنز يجب أن نتعرف على الخلايا الطبيعية وما الذي يحدث لها حتى تصبح سرطانية. فالجسم مكون من أنواع متعددة من الخلايا. وفي الظروف الطبيعية فالخلايا تنمو وتنقسم لإنتاج خلايا يحتاج إليها الجسم. وتتواصل هذه العملية المسيطر عليها بدقة كي يبقى الجسم بصحة جيدة. لكنه يحدث في بعض الحالات أن تبدأ انقسامات الخلايا تلقائيا وبدون حاجة إليها مكونه كتلة من النسيج يطلق عليها اسم الورم. وهذا الورم tumor إما أن يكون حميدا غير سرطانيا benign أو أن يكون خبيثا malignant.

تصبح الخلايا الموجودة في الجهاز الليمفاوي أثناء مرض الهوجكنز غير طبيعية, فتنقسم بسرعة وتنموا بطريقة عشوائية وغير مسيطر عليها. وبما أن الأنسجة الليمفاوية منتشرة في مختلف أنحاء الجسم فان مرض الهوجكنز قد يبدأ في أي مكان في الجسم. فقد يبدأ في إحدى العقد الليمفاوية أو في مجموعة من العقد أو على أجزاء من النظام الليمفاوي كما هو الحال في النخاع الشوكي bone marrow أو الطحال spleen إن هذا النوع من السرطان يقوم بالانتشار وبنفس الاحتمال من مجموعة ليمفاوية إلى أخرى. فعلى سبيل المثال إذا ما ابتدأ المرض على عقدة ليمفاوية على الرقبة فانه ينتشر أولا إلى العقد فوق عظمة الترقوة collarbones ثم ينزل إلى العقد تحت الإبط والصدر. و أخيرا يمكن إن ينتشر إلى أي جزء من الجسم.

تصنف الخلايا اللمفاوية على أساس الموقع الذي تنموا وتتطور فيه. فتسمى بالخلايا B-cells وهي خلايا نشأت في النخاع الشوكي وهناك تكمل أيضا نموها وبناءها الخلوي ونضجها Bone marrow-derived cells والنوع الآخر من الخلايا ينشأ أيضا في النخاع الشوكي ولكنه يكمل نموه وبناءه الخلوي ونضجه في الغدة الصعترية (التوتة) Thymus gland-derived cells و يسمى بخلايا T-cells.

فروع مرض الهوجكنز

بناء على أنواع وعدد الخلايا المسماة Reed-Sternberg السرطانية يمكن تقسيم مرض الهوجكنز إلى الأنواع الأربعة الرئيسية التالية:

تصلب عقدي Nodular Sclerosis:
أوسع أنواع مرض الهوجكنز انتشارا حيث أن 60% من المصابين ينتمون إلى هذا النوع ويبدو أن هذه النسبة في ازدياد مستمر. ومعظم المصابين في هذا النوع هم من صغار السن. وعادة ما يبتدأ انتشار هذا المرض من العقد الموجودة على وسط الصدر.

الاختلاط الخلوي Mixed Cellularity:
ينتمي 25% من المرضى المصابين بمرض الهوجكنز إلى هذا النوع وخصوصا الأطفال أو من عندهم مشاكل وعدم انتظام في عمل جهاز المناعة مثل المصابين بالإيدز AIDS. ويصاحب هذا النوع ظروف قاسية.

مرض الهوجكنز المهيمن على الخلايا اللمفاوية LPHD أو Lymphocyte-predominant:
يحدث هذا النوع عند 5 % من مرضى الهوجكنز. و عادة لا تكون أعراض هذا النوع من المرض واضحة. ويمتاز أيضا ببطء النمو ويمكن النجاة منه. مع أن الخطر فيه يكمن في تحوله إلى النوع الآخر والمسمى ب non-Hodgkin's lymphoma, ومن الناحية العملية يمكن اعتباره كذلك.

مرض الهوجكنز المتعلق بنضوب الخلايا الليمفاوية Lymphocyte-depleted Hodgkin's disease:
يحدث هذا المرض عند 4% من المرضى المصابين بالسرطان الليمفاوي وفي الغالب عند كبار السن. ويشير هذا النوع إلى أن المرض اصبح في حالة متقدمة, والنظرة المستقبلية غدت مكفهرة. وعادة ما يسهل خلطه بمرض اللا هوجكنز الليمفاوي non Hodgkin's

تصنف مراحل المرض الثلاثة الأولى (I, II, III ) إما بالمرحلة A أو بالمرحلة B . فعند المرحلة B هناك نقص في الوزن لا يمكن تفسيره , حيث ينزل الوزن اكثر من 10% من الوزن الأصلي في غضون ستة اشهر. بالإضافة إلى عرق شديد في الليل مع ارتفاع في الحرارة . فالنقصان بالوزن والارتفاع في درجة الحرارة هما اكبر مؤشرات مرحلة B . وليس من الضروري أن يكون العرق أو الحكة من مؤشرات B .

عوامل الخطر المرافقة لمرض الهوجكنز

أن العلماء في المستشفيات وفي المراكز الطبية ما زالوا يحاولون معرفة المزيد عن أسباب المرض والطرق الفعالة لعلاجه. ولهذه اللحظة ما زال العلماء يحاولون معرفة أسباب نشوء هذا المرض الخبيث وفي الحقيقة مازالوا يجهلون أسبابه. ولكن من المعلوم انه غير معدي contagious.

وبعد دراسة نماذج سرطانية أصيبت بها شريحة اجتماعية مختلفة, وجد العلماء عوامل خطر مشتركة عند المصابين بمرض الهوجكنز. وسنسرد في ما يلي هذه العوامل المتعلقة بمرض الهوجكنز.

العمر: يصيب هذا المرض /غالبا/ الفئة البشرية من عمر 15-34 وكذلك الأشخاص فوق 55 عاما.

الجنس: يصيب الرجال اكثر من النساء.

الوضع العائلي: إن اخوة المصابين بهذا المرض عندهم استعداد اكثر من المتوسط للتعرض لنفس المرض.

الفيروس: إن فيروس Epstein-Barr المعدي قد يوفر حظا أوفر لنمو هذا المرض.

فإذا ما شعر أي شخص بنمو هذا المرض على جسده . فعليه الاتصال بالطبيب المختص الذي يقوم بتشخيص المرض معتمدا على عمر المريض وماضيه الصحي وكذلك طرق الفحص الأخرى.

عادة ما يقوم الطبيب بخطة علاجية تتلاءم مع احتياجات كل مريض. فخطة علاج مرض الهوجكنز تعتمد على مرحلة المرض وعلى حجم العقد الليمفاوية المنتفخة , علاوة على عمر ووضع المريض الصحي وعلى عوامل أخرى. فمن المفضل تطعيم مرضى السرطان ضد الانفلونزا أو ضد الالتهاب الرئوي pneumonia أو ضد التهاب السحايا meningitis , عند ذلك يجب مناقشة خطة التطعيم مع الجهة المطعمة وإخبار الطبيب بذلك.

في الغالب ما يعالج مريض الهوجكنز فريق من المختصين يتضمن مختص بالأورام و ممرضة أورام ومختص بعلاج الأورام بالأشعة. فمرض الهوجكنز يعالج إما بالعلاج الكيماوي أو الأشعة أو كلاهما. فالطبيب المختص هو الذي يختار طريقة العلاج. أن مشاركة المريض في التجارب/الدراسات العلاجية "Clinical Trials" الهادفة إلى تطوير طرق علاج جديدة وواعدة هو خيار هام لكثير من مرضى هوجكنز.

طرق العلاج

يعتبر العلاج بالأشعة أو بالكيماوي هي طرق العلاج الأكثر انتشارا والأنجع لمرض الهوجكنز. وهناك طرق علاج تحت التجربة منها زراعة النخاع الشوكي, وطرق العلاج البيولوجية.

العلاج بالأشعة Radiotherapy
وهو استخدام أشعة ذات طاقة عالية لقتل الخلايا السرطانية. فيتم استخدام الأشعة منفردة أو بجانب العلاج الكيماوي وهذا يعتمد على المرحلة التي وصل إليها المرض. فالعلاج بالأشعة علاج موضعي يتم بواسطته علاج المنطقة المصابة بالمرض. ويتم تحضير الأشعة المستخدمة في العلاج من خلال ماكينة الأشعة التي يستطيع المختص التحكم بأشعتها في معالجة الجزء المصاب. وهذا العلاج يعطى في المستشفى أو في العيادة لمرضى غير مقيمين في المستشفيات, ونود التنويه هنا بأن الجسم لا يصاب بالإشعاع (لا يصبح مشعا بعد العلاج).

العلاج الكيماوي Chemotherapy
وهو استخدام الأدوية أو المركبات الكيماوية لقتل الخلايا السرطانية. ويتم العلاج عادة بتركيبة مؤلفة من عدة أدوية regimens. ويتم استخدام العلاج الكيماوي إما منفردا أو بجانب العلاج بالأشعة. والمعالجة بالكيماوي تتم في دورات أو جلسات عديدة, حيث يحصل المريض على الجرعة الجديدة بعد شفائه من الجرعة التي حصل عليها في الجلسة السابقة و يحدد الطبيب هذه الفترة بأسبوع أو أسبوعين. وتعطى أدوية السرطان إما من خلال الوخز بالإبرة في الوريد الدموي IV أو من خلال الفم. ويعتبر العلاج بالكيماوي غير موضعي systemic therapy حيث يدخل الدواء في مجرى الدم و ينتشر في الجسد كله.

ومن المعلوم أن المرضى الذين عندهم أعراض B يعالجون بالكيماوي بغض النظر عن المرحلة التي وصل إليها المرض لان استراتيجية العلاج تعتمد على كل من أعراض B ونوع الهوجكنز و الجنس و العمر للشخص المصاب.

وفي العادة يحصل المرضى غير المقيمين في المستشفى على العلاج الكيماوي في عيادة الطبيب أو في المستشفى أو في البيت , وهذا يعتمد على نوع الدواء والوضع الصحي للمريض. وقد يحتاج المريض للإقامة لفترة قصيرة في المستشفى.

أعراض العلاج الجانبية
إن طرق علاج مرض الهوجكنز قوية جدا ومن الصعب السيطرة عليه ليقضي على الخلايا السرطانية فقط, لأن العلاج يقتل كلا من الخلايا والأنسجة السرطانية والسليمة وفي الغالب ما يسبب أعراض جانبية.
وكما ذكرنا سابقا فان العلاج يعتمد على مرحلة المرض ومقدار انتشاره. ولا يواجه كل المرضى نفس الأعراض الجانبية بل قد تختلف الأعراض بعد جلسات العلاج المتلاحقة. وعادة ما يقوم الأطباء والممرضون بشرح الأعراض الجانبية المحتملة للمريض. ويستطيعون التقليل أو السيطرة على بعض الأعراض الجانبية.

العلاج بالأشعة
إن الأعراض الجانبية هنا تعتمد على مقدار الجرعة العلاجية وعلى موقع ونوع الجزء المعالج من الجسم. ففي أثناء العلاج بالأشعة يصبح الشخص المعالج منهكا جدا وخصوصا في الأسابيع الأخيرة من العلاج. والراحة ضرورية للمرضى مع مراعاة نصائح الأطباء للمرضى ليحافظوا على نشاطاتهم قدر الإمكان.
من العادة أن يتساقط الشعر في أماكن العلاج ويصبح لون الجلد محمرا أو جافا و ضعيفا واهنا مع الرغبة الدائمة للحك, بل قد يزداد ميل اللون إلى اللون الغامق (يصبح برونزي عند أصحاب البشرة البيضاء) في أماكن التعرض للأشعة.

وإذا ما تعرض العنق أو الصدر للعلاج بالأشعة فقد يجف الحلق أو يتقرح ويتعرض المريض للألم عند بلع الطعام. وفي بعض الحالات قد يواجهون ضيق في التنفس وسعال جاف. وفي حالة علاج البطن بالأشعة فقد يشعر المريض بالدوخة والتقيؤ والإسهال و آلام عند التبول . ويمكن التخفيف من هذه الأعراض بالحمية الغذائية المناسبة والتعديل بالأدوية.

قد يؤدي العلاج بالأشعة إلى الانخفاض في عدد خلايا الدم البيضاء التي تحمي الجسم من العدوى والى نقص الصفائح الدموية التي تساعد الدم على التجلط . وإذا ما حدث ذلك فيجب وضع المريض تحت الرقابة لكي يتجنب أي عدوى أو إصابة. فيقوم الطبيب مراقبة عدد خلايا الدم البيضاء أثناء العلاج وقد يضطر الطبيب إلى تأجيل العلاج حتى يعود عدد خلايا الدم البيضاء إلى العدد الطبيعي.

بالرغم من الأعراض الجانبية الصعبة للعلاج بالأشعة إلا انه يمكن معالجتها و السيطرة عليها. ويجب التذكير بان الأعراض الجانبية في معظم الحالات غير دائمة. ومع ذلك فان المرضى يرغبون بمناقشة تأثير العلاج على المدى البعيد فيما يتعلق بالإنجاب و إمكانية عودة المرض مرة أخرى. وسنتكلم لاحقا حول هذه النقطة في باب " المتابعة". قد يكون العقم مؤقتا أو دائما وهذا يعتمد على عمر المريض وعلى تعرض الخصية أو المبيض للأشعة. فقد يحتاط الرجال بتخزين الحيوانات المنوية في البنك الخاص لهذا الغرض ( هذا متوفر في الدول المتقدمة) . و قد تتعرض النساء لانقطاع الحيض وجفاف مهبلي وومضات من الحرارة. أما الدورة الشهرية فتعود عادة عند الصبايا.

العلاج بالكيماوي
تعتمد الأعراض الجانبية للعلاج الكيماوي بصورة رئيسية على نوع الدواء و مقدار الجرعة المقدمة للمريض. وكما هو الحال في العلاجات الأخرى فالأعراض الجانبية تختلف من شخص لآخر . إن الأدوية المضادة للسرطان تؤثر عادة على الخلايا سريعة الانقسام. فبالإضافة إلى الخلايا السرطانية تتعرض خلايا الدم للأذى , تلك الخلايا التي تتصدى للعدوى وتمنع تجلط الدم وتنقل الأوكسجين إلى جميع أنحاء الجسم. فإذا ما تأثرت خلايا الدم بأعراض العلاج الكيماوي فيصيح المريض اكثر عرضة للإصابة بالعدوى وقد ينزف دمه بسهولة ويشعر بتعب وضعف غير عادي.

إن خلايا جذور الشعر تنتمي إلى الخلايا سريعة الانقسام لذلك فالعلاج بالكيماوي قد يؤدي إلى سقوط الشعر. ونذكر بان تساقط الشعر قد يقلق العديد من المرضى. فبعض الأدوية تؤدي إلى تساقط جزئي للشعر بينما يؤدي النوع الآخر إلى سقوط كلي لشعر الجسم. ولكن يمكن مواجهة هذه المشكلة بطريقة افضل وذلك بالاستعداد والبحث عن طرق التصدي لتساقط الشعر قبل بدأ العلاج وأثناءه . وبالفعل حققنا نجاحا في هذا الباب. إن الخلايا التي تبطن القناة الهضمية هي أيضا تنقسم بسرعة وبالتالي فهي عرضة للدمار أثناء العلاج الكيماوي, إن هذا سيؤدي إلى فقدان الشهية بالإضافة إلى الغثيان والتقيؤ علاوة عن احتمال تقرح في الفم والورك.

إن معظم الأعراض الجانبية تتلاشى أثناء فترات الشفاء بين الدورات أو الجلسات العلاجية أو بعد الانتهاء من العلاج . ولكن قد يؤدي التعاطي بالكيماوي إلى العقم الدائم (عدم القدرة على الإنجاب).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق